انانية........ الحب
مقولة اعتدنا سماعها ,فى كثير من الاعمال الدرامية ؟
التى زرعت هذا فى اعماقنا لسنوات وسنوات حتى بتنا نتصور
انها حقيقة لا تقبل الجدل...
ففى منظور العديدين لابد للمحب ان يقاتل ويصارع ليحتفظ بحبيبه ويبقيه الى جواره ,مهما كان الثمن ...
وفى سبيل ذلك قد يلجأ البعض الى اسوا وأحقر الوسائل بحجة الحب ....وانانية الحب....
بعضهم قد يفسد حياة حبيبه ,فقد ليضمن بقاءه الى جواره....
يدمر مستقبله ....
يحاصره...
يسعى لفشله...
يبعد الاخرين عنه ....
ينفرهم منه ...
المهم ان ينعزل الحبيب عن العالم كله... الا عنه هو ...
وهو فى هذا يرى ان حبيبه ملك له ولا احد فى الدنيا سواه ,
يستحق الاحتفاظ به والفوز بحبه وحنانه ...
ووفقا للقاعدة القديمة التى تقول
(ان كل شىء مباح فى الحب والحرب )
فهو يفعل اشياء يندى لها الجبين
فى سبيل الفوز بمن يحب ....
اشياء يخفيها , لانه يخجل من كشفها ....
وهو لا يشعر فى سبيل هذا بالندم : لانه يعتقد ان ما يفعله مشروع...
والموسف ان هذه النوعية هى الغالبة ...
فى عالمنا العربى على الاقل...
وقبل ان ترفض العبارة الاخيرة وتستنكرها وتغضب منها
حاول ان تجيب معى سؤالا واحدا....
كم خطيبا يتعامل بوضوح وتلقائية مع خطيبته ؟!.....
كم محبا صارح محبوبه بحقيقه نفسه وعيوبه ونواقصه ؟!...
من فى عالمنا العربى , تعرف زوجها حق المعرفة , قبل ان تتزوجه...؟!
من من الرجال راى وجه زوجته الحقيقى , دون مستحضرات تجميل ومنعمات البشرة
ووسائل فرد الشعر وتنعيمه قبل ان يتزوجها؟!....
لو أجبت عن هذه الاسئلة فستتضح لك الحقيقة ....
الحقيقة المؤسفة .....
عالم الحب لدينا , يعتمد كله على الخداع ...
وعلى الانانية ....
كل محب يسعى للفوز بمحبوبه حتى ولو غش , وخدع , وتنكر ماديا ومعنويا
فى هيئة وطباع ,تخالف هيئته وطباعه....
والجميع يرى ان الغش والخداع , فى هذا المضمار مقبول ومشروع...
وهنا تكمن المشكلة ...
فبعد الزواج يرتطم المحبان بما لم يتوقعاه خلال مرحلة الخطبة والحب....
يرتطمان بشخص اخر يختلف عمن عهده وعرفوه...
وتكون الصدمة ....
ويكون الغضب ...
وانهيار الحب....
وهو لم ينهار دفعة واحدة بالتاكيد ولكنه سينهار رويدا ...
رويدا...
رويدا...
وقبل انهياره سيمر بمرحلة تتشقق فيها المشاعر ويتباعد الحب
ويصاب الحبيبان او احدهما بملل من العلاقة ...
وكثيرا لا يشعر الطرف الاخر بما يحدث...
انانية الحب تجعله يتصور ان حبه خالد ابدى .
لايمكن ان ينتهى او ينهار مهما حدث ومهما واجه .....
وكما يحدث لكل ما يتشقق فان الحب يضعف ويضعف..
ثم فجأة.........
ينهار.......
ولسنا نناقش هنا انهيار الحب واسبابه ولكننا نناقش رد الفعل بعد هذا الانهيار ...
فهنا بالتحديد , تتجلى انانية الحب بأقصى صورها ....
فالطرف الذى فؤجىء بنهيار الحب الذى لم يشعر بمقدماته ,
تصيبه فى المعتاد صدمة عنيفة فى البداية , ثم سرعان
ما تتحول الصدمة الى انفصال ...
فاما ان يكون انفصالا راقيا متحضرا.....
او محبا....
او انانيا....
والانفصال الراقى المتحضر
يجعل الطرفين ينفصلان فى هدوء ودون اى مشكلات
ويسعى الى اعطاء الاخر كافة حقوقه...
والمؤسف ان هذا ما يحدث فى حالات نادرة ...
نادرة للغاية.....
ولكن لو ان المحبين زوجان تربطهما اطفال فان الانفصال الراقى
سيؤدى الى استقرار الحالة النفسية للاطفال
والحفاظ على براءتهم وتوازن مشاعرهم مع التنظيم السلمى
للتعايش مع الاب والام على نحو هادىء متفق عليه بطريقة سلمية .
والانفصال المحب
يجعل الطرف الاكثر حبا والذى لم يتوقع هذا الانفصال ,
يسعى لاتمامه فى هدوء ودون ايذاء الطرف الاخر او جرحه ,
بل ويبذل قصارى جهده لاخفاء ألمه وعذابه فى اعماقه ,
حتى يسمح لحبيبه بالرحيل فى حرية ....
والمحب يفعل هذا لانه ما زال يعشق حبيبه ويتمنى سعادته
وهناءه وحتى ولو كان هذا مع غيره .....
او ربما يؤمن بالحكمة التى تقول :
لو احببت شيئا فدعه حرا واطلق صراحه دوما فأما
ان يعود اليك بارادته او انه لم يكن ملكا لك ابدا...
المهم ان حبه يمنعه من ان يصبح حجر عثرة , فى طريق من يحب....
وهذا هو الحب ...
الحب الحقيقى ...
وهو ايضا حالة نادرة ....
على الرغم من جمالها وروعتها ورقتها ....
اما الانفصال الثالث فهو الانفصال الغالب
والذى كثيرا ما نراه فيما حولنا ..
الثأر ....
والشماتة ....
فماذا تكون الانانية لو انها ليست كذالك ؟!....
وكل ما تفعله هذه الانانية هو انها تعذب الطرفين فى آن واحد...
الطرف الذى طلب الانفصال يتعذب طوال الوقت
من جراء سعى الطرف الاخر المنفصل للنيل منه طول الوقت
والاساءة اليه بلا توقف ...
واحيانا ما يكون الاطفال هم الضحية الاولى لغضب
الثأر وشهوة الانتقام ....
بل غاليا ما يكونون كذلك ....
ففى سبيل العناد والشماتة يسعى الطرف الاكثر غضبا
لايذاء مشاعر الطرف الاخر
عن طريق الاساءة الى احب الناس اليه ...اطفاله....
انه يحاول حرمانه منهم او تعذبيهم ليؤلمه او الاساءة اليهم
ليسىء اليه دون ان يتوقف لحظة واحدة
ليدرك انهم ايضا اطفاله....
وفلذة كبده ....
فشهوة الانتقام تعميه تماما...
وربما لهذا اطلقوا عليها (شهوة)....
فمثل اى شهوة تذهب بعقل صاحبها بعيدا وتعمى عينه وتصم اذنيه
وتحوله الى كائن احمق وحشى لا يملا راسه سوى امر واحد....
شهوته ....
ومثل كل شهوة ايضا تكون عواقبها دوما وخيمة ....
فشهوة الطعام تنتهى الى امراض لا حصر لها
فى المعدة والكبد والكلى والقلب والمخ ايضا فى بعض الاحيان ...
وشهوة الجنس تفسد الحياة ....
وشهوة الانتقام تدمرها ...
وتدمر المنتقم نفسه...
فذات يوم سييتيقظ ليجد نفسه وقد اضاع حياته كلها فى
سبيل ماض لا يمكن ان يعود ....
او انه قد دمر احب الناس اليه ودفعهم الى كراهيته وازدرائه...
واحتقاره ...
ونبذه من حياتهم تماما....
وربما لا يدرك هذا الا عندما يضيع العمر وتتوالى النكبات
ويضطر لمواجهتها وحيدا...
ضعيفا ...
عاريا....
وكل هذا لانه دمر كل ما يمكن ان يقف فى جواره او يسانده ...
او يحبه...
وكل هذا لانه لم يفهم الحب على النحو الصحيح...
لم يفهم انه من المستحيل ان يكون الحب الحقيقى انانيا ...
الحب الحقيقى كله عطاء....
تفان....
ايثار للمحب......
وهذا يختلف تماما عن رغبة الامتلاك ...
ففى الحالتين يتصور المرء انه يحب ....
فى الحالتين يرغب فى الحصول على من يحب ...
والاحتفاظ به ...
ولكن الحال يختلف بين الامرين اذا ما اصبح الحب من طرف واحد...
فرغبة الامتلاك تمنع صاحبها من رؤية او ادراك سعادة الطرف الاخر....
تمنعه من التفكير فى اى صالح باستثناء صالحه وحده...
لذا فقتاله يتحول من قتال للاحتفاظ بحبيبه الى قتال حبيبه نفسه.....
ولن يهمه حينئذ اذا ما كان يعذب من احب ...
ويحطمه ....
ويدمره...
المهم ان يحتفظ به.....
هذا لا الشعور الحقيقى الذى يملا كيانه هو شعور التملك
وليس الحب .... فمن يحب لا يمكن ان يعذب حبيبه....
ابدا...
بل يفضل الموت على ان يمس شعرة واحدة منه ...
ويضحى بكل غال ورخيص لديه لو ان هذا يحقق لحبيبه
لحظة واحدة من السعادة ...
فسعادة حبيبه هى سعادته الحقيقية ...
الى جوارها يهون كل شىء ...
واى شىء....
حتى سعادته نفسها....
هذا هو الحب الحقيقى....
الحب الذى لا يعرف ذرة واحدة من الانانية
انانية المحب......
و.......e
تمت بحمد الله
[i]انا عارفة ان الموضوع طويل ويا رب مكنش صدعتكم وينال إعجابكم[/i]